فن تقليب الحمام الغزار_الجزء الأول


(فن تقليب الحمام الغزار_الجزء الأول)
جمعتنا جلسات مشتركة من الأصدقاء الهواة وغير الهواة، وتصادف أن يكون بهذه الجلسات وجوداً لحمام فنتبادل(نحن الهواة) الإمساك بالحمام لتقليبه، أي لنشاهده بتمعن وتركيز لتحديد معالمه من المميزات والعيوب وفقاً لمعرفتنا السابقة بالمواصفات الجمالية ،والقياسية التي تخص كل نوع وكل لون من أنواع وألوان الحمام الغزار، فيستغرب الصديق غير الهاوي من هذا المشهد، ويستغرب أكثر عندما نعلق نحن الهواة ونتبادل المشورة أو الرأي حول قيمة هذه الحمامة ففضوله (المشروع طبعاً والمقبول) يدفعه للسؤال:
(إنتوا بتعملوا إيه للحمامة؟ إنتوا بتشوفوا فيها إيه؟).
فنبدأ نشرح ببساطة إننا نرى شكل ومقاييس الرأس، والعظمة (أي المنقار)، وأيضاً الجفون ،ولون العين، ولون الريش ،ومقاييس الجسم.. إلخ.
وقد يتكرر نفس المشهد عندما يسأل أحد الهواة المحترمين الناشئين هاوي آخر لديه خبرة ماذا ترى أو تشاهد عند الإمساك بالحمامة في اليد؟.
فيبدأ يشرح له رؤيته لقيمة هذه الحمامة وفقاً لمعلوماته عن المواصفات القياسية للنوع أو اللون.
إذن :فن تقليب الحمام الغزار هو: التطبيق العملي للمواصفات القياسية للأنواع والألوان المختلفة من سلالات الحمام الغزار.
وطبعاً التقليب هذا بوجه عام موجوداً في المراسلات المصري، وموجوداً في الزينة العالمي، وموجوداً أيضاً في مراسلات السباق (الزاجل)، مع إختلاف المواصفات طبعاً لكن الفكرة واحدة ،وهي فكرة التقييم.
حول فن ومهارة تقليب الحمام الغزار يسعدني أن أقدم للهاوي والقارئ العزيز هذه السلسلة من المقالات، وأرجو لكم أن تكون المتابعة مفيدة ممتعة.
_________________________
١_ كيف يحصل الهاوي على مهارة التقليب؟:
بما أن:مهارة التقليب كما عرفناها في المقدمة هي: تطبيق المواصفات القياسية الجمالية للنوع أو اللون على الحمامة التي يقوم الهاوي بتقليبها عملياً.
إذن:لإكتساب مهارة التقليب لازم أن يتعرف الهاوي أولاً على المواصفات القياسية والفنية والجمالية للحمام الغزار (أو للحمام الزينة أو المراسلات المصري أما الزاجل فله مواصفات تميل أكثر للبدنية والهيئة العامة ومواصفات الريش وهذا موضوع آخر مع التنويه أن هناك حمام زاجل يعرض للزينة).
ومصادر معرفة هذه المواصفات(بالنسبة للغزار) هي في المقام الأول كبار ومحترفي الهواية،ويتعرف عليها الهاوي الناشئ بتلمذته المباشرة على خبراء الهواية، وهذا معروف حتى في دول العالم المتقدم تلمذة الهواة الجدد على محترفي الهواية.
ولكن في مصر تحس أن هناك عناء للبحث عن المعلومات السليمة(لسبب الإختلافات النسبية بين خبراء الهواية)، ولكنك ببذل بعض المجهود ستحصل عليها.
وهناك محاولات قليلة سابقة لتدوين هذه المواصفات(أي كتابتها)،من هذه المحاولات كتاب طبع في عام١٩٣٦ للهاوي المهندس: عبدالغني غنام،وزوده بصور فوتوغرافية أبيض وأسود،وكتاب طبع في عام١٩٤١للهاوي الأستاذ: مصطفى صابر.
ثم جاءت محاولات أخرى في شكل مقالات بمجلة الحمام بقلم الهاوي العبقري الراحل الأستاذ الدكتور: عاصم أحمد عبد العظيم، ولنفس الكاتب أيضاً مقالات قليلة بمجلة بيتزو.
ثم كتاب عام ١٩٩٦،وإشترك في تدوينه نخبة من أفضل وأكبر هواة الحمام الغزار بمصر.
هذه كلها تعتبر مصادر للهاوي يتعرف بل ويدرس منها المواصفات القياسية للحمام الغزار،ولكن للأمانة العلمية،فإن كتاب: الحمام وتربيته(١٩٣٦)،وكتاب: الحمام الغزار أو حمام الهواية الشرقية(١٩٤١)،فهما لا يُعتمد عليهما في معرفة مواصفات الحمام الغزار، بشكل كامل،بل هما فقط مراجع تاريخية وإسترشادية.
ويتعرف الهاوي الناشئ أيضاً على مواصفات الحمام المصري الغزار(نظرياً وعملياً)،بإحتكاكه بالهواة بأسواق الحمام، فياما من هواة تعلموا وتحرفنوا في الهواية من إحتكاكهم بالأسواق ،ولكن طبعاً بشروط.
أيضاً المعارض فرصة جيدة جداً ليتعلم الهاوي الناشئ المواصفات القياسية للحمام، وخاصة لو كان هناك (تحكيم) يعطيه الفرصة للمقارنة بين الحمام، وخاصة أيضاً لو كان هناك هاوي محترف يشرح للهواة الناشئين بشكل عملي على الحمام تطبيق المواصفات القياسية.
وبمناسبة المعرض أتذكر موقف طريف،حدث مُنذُ عامين تقريباً،كنت في أحد المعارض،وعندما كنت أقف بجوار أقفاص عرض الأبلق البنفسجي،وجدت إثنين من شباب الهواة، أحدهم يقول للآخر:(ده أبلق ينزلوه في معرض،شوف عضمه رفيع إزاي؟!)،وطبعاً من الواضح أنه لا يعرف الأبلق البنفسجي،ولا مواصفاته الأولية حتى، وهنا تداخلت معهم في الحديث،ووضحت لهم الأمر بطريقة،لا تجرحهم.
طبعاً اليوم المعلومات لا تُعد ولا تُحصى وكثيرة جداً على الإنترنت،سواء كانت على شكل مقالات(على فيس بوك وجوجل)،أو بالصوت والصورة(بالفيديو) على اليوتيوب،ولكن هذه المعلومات تحتاج من الهاوي ذكاء لفرز الجيد من الردئ،نظراً لوجود كثير من المعلومات الغير دقيقة، أو وجود نوع من التضارب والتناقض في المعلومات.
وطبعاً مشاهدة الهاوي لصور حمام كثيرة والمقارنة بينها هذا يعطيه فرصة جيدة لإكتساب مهارة التقليب،لأنه لا يكفي أن يتعلم الهاوي المواصفات نظرياً ،ولكن التطبيق العملي هو المهم جداً ومشاهدة عدداً كبيراً من الحمام الجيد، والمقارنة بين الحمام،كل هذا وغيره يساعد الهاوي الناشئ،على إكتساب مهارة (التقليب).
والهاوي المتقدم في الهواية أيضاً،يحتاج إلى تنمية مهارة التقليب لديه،لئلا تضعف بسبب إهمالها، فالتدريب يجب أن يكون عملية مستمرة لكل الهواة، الناشئين والمتقدمين.
وأتذكر قولاً للهاوي الكبير الأستاذ:نجيب زقزوق،أن الهاوي يحتاج أن يشاهد عدداً كبيراً جداً من الحمام الجيد (في النوع واللون الواحد) لكي يكون عنده العين الخبيرة لمعرفة الجيد من الردئ.
ونفس الكلام تقريباً سمعته من الهاوي الكبير الأستاذ: طارق فريد، فقال لي لا يكفي أن نُعلم الهواة الجُدد المواصفات نظرياً،أو نكتُبها لهم في كتاب، بل يجب أن يرى الهاوي بعينه ويمسك بيديه عدداً كبيراً من الحمام الجيد والمتوسط ويقارن بينهم بمساعدة من الهواة المحترفين، وقال لي سيادته كرقم إفتراضي مثلاً قد يشاهد الهاوي لإكتسابه مهارة التقليب (١٠٠٠) حمامة، وطبعاً هذا قد يستغرق عدة سنوات مع تراكُم خبرات رويداً رويداً، ولكن أحبائي الهواة لا أُخفي عليكُم طموحي الشخصي في أن يتدخل العلم والتخطيط في هذه النقطة، فننظم مثلاً ندوات ،ومؤتمرات، ومحاضرات، وأفلام فيديو، ونُصدر كُتباً، ومراجع تدور حول المواصفات القياسية، والتدريب العملي عليها.
فبدلاً من أن يشق كل هاوي طريقه منفرداً نوفر مناخاً للتدريب الجماعي، وطبعاً هذا عمل مؤسسي لازم يتكاتف مجموعة من الهواة لتحقيقه وهنا يبرز عمل الجمعيات المختصة بالحمام،لكي تقوم بهذا الدور.
وأحب أن أذكر هنا فكرة جميلة،طرحها أستاذنا الجليل،والهاوي القدير الأستاذ : نجيب زقزوق،منذ عدة سنوات مضت،وهي فكرة إنشاء: مدرسة الهواة، والهدف منها التلمذة المباشرة،على آساتذة الهواية،فيتجمع الهواة الناشئين،ويتم إلقاء المحاضرات عليهم نظرياً وعملياً،في كل ما يخص تربية الحمام،ومنها طبعاً فن تقليب الحمام الغزار.
والآن أكتفي بهذا القدر، على أمل أن ألتقي بكم في الجزء الثاني من هذه السلسلة،بإذن الله تعالى.
فإلى اللقاء.
أخوكم كرم فريد.
١٥_٥_٢٠٢٠.

هناك 3 تعليقات: