فن تقليب الحمام الغزار_الجزء الرابع


(فن تقليب الحمام الغزار_الجزء الرابع)
نستكمل معاً هذه السلسلة بداية من الفقرة رقم:
٤_ الملكات البشرية المستخدمة في التقليب:
نتذكر أننا في المقالة السابقة تكلمنا عن تقليب الحمامة وهي في إيد الهاوي،ثم لإكتمال التقييم يشاهد الهاوي الحمامة، وهي أمامه سايبة أو حبيسة في قفص العرض، وقلنا لازم تكون في إضاءة كافية، متوفرة لإعطاء الألوان والأبعاد السليمة، ولكن ماهي الملكات التي يستخدمها الهاوي لأداء التقييم السليم؟.
هذا هو موضوعنا في السطور القليلة التالية فمن فضلك تابع معنا :
أولا:ً العقل بما فيه من ذاكرة وقدرة على التفكير هو الملكة الأولى للنجاح في التقييم،فالذاكرة مُخزن بها علم المواصفات القياسية والجمالية والفنية للحمامة، ومُخزن بها أيضاً كماً كبيراً من صور الحمام الجيد الذي قام الهاوي بتقليبه سابقاً، والقدرة على التفكير هي التي تُستخدم في المقارنة بين ما هو بين يده (أي الحمامة التي يقوم بتقليبها)، وما في ذاكرته من معلومات عن ما يجب أن تكون عليه الحمامة، وهنا وبسرعة يتجمع في فكر الهاوي تحديد وتقييم مستوى هذه الحمامة،ممكن أن يتبع ذلك أو لا يتبع ذلك تعليق الهاوي أو تعبيره عن قيمة هذه الحمامة، فمثلاً قد يسأله أحد ما رأيك؟.
فهنا تنتقل النتيجة التي توصل لها عن قيمة هذه الحمامة ومميزاتها وعيوبها من مجرد أفكار في الرأس إلى كلمات يعبر بها عن رأيه وممكن أيضاً إنه يبدأ يتناقش،لماذا هو وصل إلى هذه النتيجة ؟.
في أن هذه الحمامة جيدة أم متوسطة أم سيئة أم أي شيء آخر حسب رؤيته، فيبدأ يشرح لماذا هو قال أنها جيدة؟.
لماذا هو قال أنها متوسطة؟.
لماذا هو قال أنها سيئة؟.
ماهي مميزاتها؟.
ما هي عيوبها؟.
ومن هنا نصل إلى أن ملكة العقل بما يحتوي من إمكانيات وضعها الله الخالق سبحانه وتعالى،هي أهم ملكة تحدد مستوى الهاوي المحترف ،من الأقل منه معرفة، وهذه الملكة العقلية تكتسب أيضاً المعرفة والعلم مع تراكُم خبرات وتتدخل الفروق الفردية (من ذكاء) بين شخص وآخر في مستوى قدرته على إكتساب مهارة التقليب ودرجاتها.
_________________________
ثانياً: الملكة الثانية التي يستخدمها الهاوي في التقليب هي ملكة الحواس الإنسانية،ويستخدم الهاوي حاسة البصر أو النظر، لتحديد معالم الحمامة ومدى إكتسابها لصفات أصيلة جيده من عدمه، فبالعين يُحدد الهاوي صفات ومقاييس الرأس، والمنقار، ولون العيون، ولون الريش ،وطول الجسم، ووضعها في وقفتها، كل هذا وغيره، يراه الهاوي بعينه ببصره بنظره، لذلك حاسة البصر مهمة في إكتساب مهارة التقليب وقد شاهدت بعض الهواة الأوروبين يستخدمون في التقييم (العدسة المكبرة)، وهذا جيداً وخاصة لو كان الهاوي عفاه الله وشفاه ،لديه بعض قصوراً في رؤية العين (نظره ضعيف) فيعوض ذلك بإستخدام نظارة طبية مناسبة لمقياس نظره في أثناء عملية التقليب.
وهنا ننوه إلى التفاعل والحوار إن جاز التعبير، بين ملكة العقل وما يدور فيه وحاسة البصر وما تراه، فيحدث رسائل متبادلة سريعة من البصر إلى العقل، ومن العقل إلى البصر، ومن البصر إلى العقل،ومن العقل إلى البصر إلخ.
إلى أن تكتمل صورة التقييم للحمامة لدى الهاوي.
_________________________
ثالثاً:يساعد العين على الرؤية السليمة الإيد، وهناتتدخل حاسة اللمس (المسك) بالإيد، فالهاوي بيده يمسك الحمامة برفق وفي نفس الوقت بإحكام، ويثبت جسمها ليعطي نفسه فرصة أكبر للرؤية الثابتة، وبالإيد الأخرى يمسك الحمامة برفق وإحكام من منطقة الذقن (أي أسفل عظمة المنقار)، وبالإيد يقرب الحمامة إليه أو يبعدها أو يرفعها أحياناً أو يُخفضها(ينزلها) ويموجها في أحياناً أخرى ولماذا كل هذا؟.
لكي يعطي أكبر فرصة للعين أن ترى المميزات أو العيوب، وأحياناً أخرى بإصابعه يلامس الريش خاصة في منطقة مقدمة الرأس يفركشه ثم يُعيد ترتيبه (يسرحه) ليضع تخيلات لشكل الرأس (يقيس كثافة الريش من عدمه في هذه المنطقة خاصة لو كان به نسبة قلش) في أوضاع مختلفة فيحدد القيمة الحقيقية للحمامة، وأعتقد أن هذه الصورة التي أضعها أمام الهاوي والقارئ الكريم ،تعطيه إيضاح لحقيقة لماذا هاوي يتميز عن الآخر في التقليب؟.
ولماذا الحمامة في إيد هاوي يكون لها شكل أجمل من نفس الحمامة لوكانت في إيد هاوي آخر،فواحد بمسكته للحمامة يستطيع إظهار جمالها (طبعاً أقصد الحمامة المتوفر فيها أصلاً صفات جمالية).
ولم يقتصر دور حاسة اللمس في تقليب الحمام على ذلك، بل تعداه، فباللمس يحدد الهاوي الحالة الصحية للحمامة، وخاصة عند لمس منطقة القص(أي عظمة الصدر).
________________________
وبالإجمال يستخدم الهاوي حواس أخرى فحتى حاسة الشم يكون لها أيضاً دوراً في التقليب لتحديد أيضاً الحالة الصحية، فبعض روائح كريهة تصدر من الفم أو الأنف أو أحياناً أخرى من الجفون،كل هذا قد ينبئ عن مشكلة مرضية.
وحتى السمع يكون له دوراً للوقوف على الحالة الصحية للحمامة أثناء التقليب، فربما صوت يصدر من الحمامة، يدل على أنها مريضة بأحد أمراض الجهاز التنفسي.
_________________________
وطبعاً هذا الهاوي العبقري النموذجي المثالي ليس إبن يوم وليلة،بل هو هاوي تعلم جيداً،وتدرب جيداً على مدى سنوات،حتى وصل أنه أصبح هاوي حريف في التقليب ،فهي ملكات ربنا بيعطيها للإنسان وهو بيجتهد، ويستخدمها، ويستغلها،ويوظفها،بأفضل ما يمكن ،ويجب على مجتمع الهواة،أن يقدم للهواة الجُدد، الدعم ليحققون النجاح، في إكتساب فن ومهارة تقليب الحمام،لإكتمال مسيرة الهواية،جيلاً بعد جيل.
وكل نقطة من ما ذكرنا بإختصار، أعتقد سنعود إليها تفصيلاً في مقالات أخرى، من هذه السلسلة، فأرجوا أن لا أكون أطلت على حضراتكم،وأرجوا أن أكون قدمت بعض المعلومات المفيدة للهاوي والقارئ العزيز.
وإلى اللقاء مع الجزء الخامس من سلسلة فن تقليب الحمام الغزار.
أخوكم كرم فريد.
١٧_٥_٢٠٢٠.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق