(هل سيأتي وقتاً يكون هُناك رضا عن حال الهواية في مصر)_ (المقالة الثانية)


(هل سيأتي وقتاً يكون هُناك رضا عن حال الهواية في مصر):_
(المقالة الثانية):_
أُحاول من خلال هذه السلسلة تقديم ورقة عمل في مجال إصلاح وضع الهواية،وتغير الحال إلى الأفضل بإذن الله.
نُكمل معاً ما بدأناه،من الفقرة:
ثالثاً: هُناك مُتغيرات لا يُمكن أن نغفلها،في وضع الهواية بمصر:
ربما يقول قائل طول عُمرها والهواية قائمة على العمل الفردي وإجتهاد الهواة، ومع هذا الوضع وصلت لنا الهواية وإستمرت مُنذُ مئات السنين على الأقل.
أقول أن الزمن إتغير،ووضع وحال الهواة تغير،وهذا إنعكس على الهواية.
وأُُلخص المُتغيرات في النقاط التالية:
١_ كان في الماضي عدد سكان مصر أقل بكثير من الآن،وبالتالي عدد الهواة كان أقل،وكان الهواة يتعلمون الهواية من فم الهواة مباشرة، كُل هاوي يتتلمذ على يد أحد الهواة أصحاب الخبرات،فيتعلم منه الهواية مُباشرة،ويتعلم منه تربية الحمام عملياً،وكان يأخذ الحمام من الهواة السابقين ومعه ثقافة الهواية فيتعلم الهواية،ويتعلم التربية،سواء النش أو الفرخ.
٢_ لم يكُن أحداً يشوش على معلومات آخر،لأنه لم يكُن هناك إنترنت،فنحن لدينا إمكانيات عالية للتواصل، وتوصيل المعلومات، لكننا مع ذلك نستخدمها بإسلوب خاطئ.
يتلخص خطأ إستخدام الإنترنت،سواء يوتيوب، أو فيس بوك،في سهولة أن أي شخص يستطيع أن يُقدم مادة،ومحتوى،حتى لو كان هذا الشخص،غير مؤهل لهذا.
فينتشر حالياً على الإنترنت، كماً هائلاً من المعلومات الخطأ،والمعلومات المُتناقضة، وهنا يتوه الهواة المُبتدئين،والذين ليس لديهم خبرات،ومن المُمكن أن يكون هذا الشخص المُتلقي للمعلومات كبيراً في السن لكن ليس لديه خبرات في الحمام،فتجده يؤيد أصحاب المعلومات الخطأ،وتجد كثيرون يتتلمذون على معلومات خطأ،سواء في فنيات الهواية،أو في الجوانب العلمية الخاصة بالتربية،والوقاية والعلاج.
أو حتى في علم جينات الحمام،يوجد البعض يدعي أن ما يقولهُ،هو الصح وهو رأي العلم،في حين أن كلامه به مُغالطات كثيرة.
والمشكلة أيضاً أن البعض من هؤلاء المُنتشرين على الإنترنت، وضع نفسهُ في وضع المُصلح للهواية، وليس في هذا خطاً،فكل هاوي بيحاول أن يُصلح في حدود إمكانياتهُ،ولكن الخطأ هو في الإسلوب الذي يستخدمهُ،في محاولة الإصلاح،وتحولت المنابر، إلى ساحة معارك لتصفية الحسابات الشخصية، وكل شخص يُقلل من الآخر.
طبعاً يوجد قنوات على اليوتيوب،وأيضاً جروبات على الفيس بوك،تُقدم معلومات جيدة وصحيحة.
لكن ما يلفت الإنتباه،هو أن كُل من يتصدر المشهد،ليس كُل ما يُقدمه صحيحاً،أي نجد بين المعلومات الصحيحة معلومات أُخرى غير سليمة وغير دقيقة.
لذلك أدعو الجميع لمُراجعة أنفُسهم جيداً قبل أن يُقدمون معلوماتهم للهواة.
والبعض يؤلف معلوماتاً على أساس أنها من تُراث الهواية وقد تعلمها من الأجيال السابقة،في حين أنها من تأليفه،وليس لها سند.
وأصبح الكثيرون من هؤلاء أيضاً ناقلين ومُقلدين،ولا ينسبون المعلومات إلى مصدرها الذي نقلوه منها.
وقد وجدت من ينقل معلومات الآخرين دون أن يُنسبها لصاحبها،هو نفسه لا يفهم هذه المعلومات بالشكل الكافي،بل أيضاً قد يقول كلاماً آخر مُتناقض مع ما قاله سابقاً،لأن خبرتهُ في الحمام ضعيفة وليس لديه رؤية كافية ليُقدم معلومات للهواة.
طبعاً أؤكد على أن هناك حقاً أصيلاً لكل إنسان في أن يُعبر عن أفكاره ورؤيته ومعلوماته،ولا أحداً أيً من كان،يحجر على أحداً ،أو يُملي عليه قُل هذا ولا تقُل هذا،هو حُر فيما يقول،لكن أتمنى أن يكون ضميرهُ هو الحكم فيما يقال،وفيما لايقال،ويراجع المعلومات جيداً،ويقوم بتحضير المادة والمحتوى،والمضمون الذي سيُقدمهُ،بشكل سليم،ولازم يكون عنده شيئاً مُفيداً فعلاً، يُقدمه،وإلا من الأفضل أن لا يكتُب شيئاً،وإلا من الأفضل أن لا يخرُج إلى الناس على القناة وهو فاكر نفسهُ نجماً إعلامياً.
تواضعوا يرحمكُم الله.
طبعاً أنا أسف للإطالة في هذه النُقطة،ولكن جاءت هذه التفاصيل،لكي نُشخص أمراض الهواية التي تسببت في أزمتها الحالية.
٣_ الإختلاف بين الهواة حالياً،في المعلومات الفنية في الهواية،هو أحد الأسباب الرئيسية،لعدم نجاح العمل الفردي في نهوض وتقدُم الهواية،فهناك إختلاف وهوة كبيرة بين كُل الهواة،ولا أستثني أحداً،فلا يوجد إثنين من الهواة،لديهم نفس المعلومات بشكل مُتطابق، أو لهم نفس الرؤية في تقيم الحمام،وهذا ليس كلاماً به مُبالغة،ولكنه واقع مرير، في كثرة الإختلافات بين الهواة، وقد نتج هذا الخلاف بسبب أن الهواية عبر العصور تعتمد على النقل الشفاهي، وهذا يكون عُرضة للنسيان، والتبديل والتغير مع الوقت وعبر السنين،لأن الهواة بشراً ومُعرضين للنسيان والخطأ.
وهذه المُشكلة موجودة مُنذُ سنوات،وقد رصدها الهاوي القدير الراحل،الأُستاذ الدكتور: عاصم أحمد عبد العظيم،وكتب عنها في مقالة لسيادته،بمجلة: الحمام، بعددها الأول في أبريل ١٩٩٤،أي من ٢٦ عاماً مضت،حيث قال الراحل الكريم الدكتور عاصم:
(ولقد أزعجني ما آلت إليه أهواء الناس من تقلبات بحيث أصبح مستحيلاً أن يتفق إثنان من الهواة على توصيف واحد لنوع معين من الحمام،على سبيل المثال أصبحنا نرى الأبلج القشر بندق_ الأبلج هو الإنسان ذو الحاجبين المنفصلين وسمى هنا الأبلج نتيجة وجود المسلة_ وقد تبدل شكله وتغير لونه فمرة يميل إلى الحمرة ومرة إلى الزرقة وثالثة تجده رمادياً لا تعلم له لوناً لتصفه به مع أن الإسم خير دليل على وجوب لون أكتاف هذا النوع من البلج بحيث يكون مطابقاً للون قشرة البندق مع وجود التفصيص في الأكتاف_ مقرش_ والسبب والأساس في الإنحدار راجع لخلط الأنواع المختلفة بعضها على بعض بالإضافة إلى عدم وجود وصف ثابت لكل نوع من أنواع الحمام المصري يهتدي به الهاوي والمفرخ مما ييسر عليه عملية الإنتقاء التي على أساسها يستحسن ما هو مطابق أو على الأقل قريب من المواصفات القياسية ويستبعد ما هو بعيد عنها).
إنتهى الإقتباس من مقالة للراحل الكريم عنوانها: أين نحن على خريطة العالم؟!.
وتعود كثرة الإختلافات أيضاً حول فنيات الهواية، بين الهواة،لتعدد مدارس الهواية،فكل هاوي قد تعلم من أستاذ له،يتمسك برأيه وكلامه،ويرى أن أستاذه هو فقط الذي يعرف الحقيقة الكاملة،وكأن كلام أستاذه وحي من السماء ومعصوم من الخطأ،وهذه طبعاً فكرة خاطئة،فكل أستاذ في الهواية،له ما له،وعليه ما عليه،والهواية تتكامل بأخذ المعلومات من عدة آساتذة، ثم غربلة المعلومات،وتنقيتها للتمسُك بالصحيح فقط.
ومن مساوئ كثرة الإختلاف بين الهواة ،في معلومات الحمام،أنها تسببت في وصول كثير من شباب الهواية،إلى قناعة أن الهواية، في مصر هواية عشوائية، وليست لها ولا أصول،ولا ثوابت،وكل شخص يُمارس الهواية بالشكل الذي يراه هو فقط،ويربي الحمام حسب الشكل،الذي يعجبه،دون التقيد بمواصفات مُحددة، هكذا وصلتنا الإختلافات، بين الهواة حول فنيات الهواية المصرية.
البعض سيعترض،ويقول لنا الإختلاف لا يُفسد للود القضية،وهُناك سعة للإختلافات،وقد يقول أن الإختلافات شيئاً إيجابياً وصحياً وأيضاً هو ثراء، أرُد على هذا الكلام،بأن من الواجب إدارة هذه الإختلافات،بمُناقشتها مُناقشة جادة،فما الإيجابية أن نظل مُختلفين،وكل هاوي بيربي الحمام وفقاً لمزاجه الشخصي،فهذا أمر يؤدي إلى ضياع السلالات الأصيلة والعريقة من الحمام،وتبديل شكلها الذي يُميزها،ومسخها، يجب أن يوضع حداً للإختلافات،وبعد مناقشة قوية نخرج بمعلومات جيدة سليمة ثابتة،يتعلمها الكل، ويطبقونها على الهواية وعلى الحمام عملياً.
يا أصدقائي الأفاضل هل يُمكن أن العمل الفردي يصل بنا إلى هذا الهدف؟.
بالتأكيد صعب جداً لأن هذا عمل مؤسسات لديها خطة إصلاح،ولوائح تقوم بتنفيذها بجدية.
أكتفي بهذا القدر،وأعود أتحدث إليكم في الجُزء الثالث،من هذه السلسلة،بإذن الله تعالى.
تحياتي لجميع هواة مصر المُحترمين.
أخوكم كرم فريد.
٣٠_٤_٢٠٢٠.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق